نظام المكافأة بالدماغ.. كيف يتحكم فى الإنسان؟
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلاً بالزائر الكريم
أهلاً بالزائر الكريم
هل سألت نفسك ذات مرة لماذا تحب مشاهدة مباريات الكرة باستمرار،أو لماذا يسعدك اعجاب الاصدقاء بمنشوراتك على الفيس بوك، أو لماذا تحب الحلويات وتزيد من أكلها كلما عرضت عليك ، أو لماذا يحب شاب أن يتحدث فى الموبايل دوماً مع نساء، أو لماذا اعتاد شاب على فعل العادة السرية حتى اصبحت إدمان ،أو لماذ أدمن الشباب مواقع التواصل الاجتماعي و الانترنت، أو لماذا يصعب على مدمن المخدرات أو السجائر أو القهوة أو الشاي الإقلاع عن ذلك فى أغلب الأحيان...
فالسؤال الآن كيف يحدث حب الشىء و التعلق و الارتباط به ..بصورة تجعلك تكرر نفس السلوك و الإقبال عليه مرات و مرات ..؟
الإجابة تكمن فى :
معرفتنا و فهمنا لنظام معين يحدث فى الدماغ تجاه ما نحب و نهوى يُسمى بــ"نظام المكافأة"..أو لتسهيل المعنى نستطيع أن نسميه بــ" نظام أحببته" أو "نظام أعجبني"
ما هو نظام المكافأة بالدماغ ؟
Brain Reward System
هو نظام يتكون من عدة مناطق وعدة مسارات بالمـخ متصلة ببعضها البعض.أهمها ما يسمى بــ"النواة المتكئة" وهى مركز المتعة فى الدماغ
ينشط هذا النظام عندما يعجبك شىء ما مثل مشاهدة مقطع فيديو أو سماع كلمة ثناء و مدح ،أو أكل طعام لذيذ المذاق ، أو مشاهدة مباراة الفريق الذى تشجعه، أو تناول عقار معين يحسن من المزاج ،أو ممارسة جنسية ممتعة ، أو أكل قطعة تعجبنا من الحلوى أو الشيكولاتة ..و هكذا فعل أى شىء يبهرنا و يحفز إعجابنا و متعتنا
فيقوم نظام المكافأة- نتيجة هذا التنشيط - على الفور بإفراز ناقل عصبى يسمى بـ"الدوبامين" بكميات كبيرة ، و الذى يعتبر من ضمن هرمونات المخ المسئولة عن إشعارنا بالسعادة و الإرتياح النفسي و تحسن المزاج... و مع تكرار الفعل للشىء الذى نحبه وعلى مدار الأيام ،يصبح الأمر خارج السيطرة ..فيصير إدماناً نحب أن نكرره من وقت لآخر حتى و لو كنا لسنا فى حاجة إليه..
هذا الشعور بالسعادة تقوم الذاكرة اتوماتيكيا بحفظ نسخة منه و تخزينه و ربط هذا الشعور تلقائياً بالشىء الذى سببه ..و هو ما يجعلنا نشتاق إليه بصفة مستمرة من وقت لآخر ..
ويجدر الإشارة إلى أن العلماء وجدوا أنه فى الممارسات الجنسية لابد من تجديد الأسلوب و التنويع حتى تحدث اللذة بالشكل المطلوب و إلا سوف يضعف الشعور بلذته و متعته
أما فى حالة المخدرات فإن نظام المكافأة لكى يتجدد الشعور باللذة فإن الشخص فى حاجة إلى زيادة الجرعة من وقت لآخر..وهو ما يعرف بــ"ظاهرة التحمل"tolerance
أما اللذة الناتجة عن تناول الطعام ،فقد وجد الباحثون أن نظام المكافأة يتوقف بعد فترة حتى تبدأ فى تنويع ما تأكل من صنوف الطعام ..و هذا الشأن هو بالنسبة لكل الطعام ما عدا السكريات ..فعند تناولك للسكريات بكميات كبيرة و لفترة طويلة يستمر نظام المكافأة فى منحك المزيد و المزيد من الدوبامين وبالتالى الاستمرار فى منحك الشعور بالفرحة مع الرغبة المرتبطة ذهنيا بتناول السكريات مراراً و تكراراً ..و هو ما قد يسبب الاصابة ببعض الأمراض مثل السمنة و داء السكري...و الذي يحدث إذ لم تكن إرادة الشخص أقوى من شهوته للسكريات.
و السؤال المٌحير : أيهم أفضل اسلوب العقاب أم المكافأة ؟
الاجابة :هى أن اسلوب المكافأة هو الأفضل و الأقوى على تغيير سلوك معوج لدى شخص ما ، ..إذاً فالجزرة أفضل من العصا ...و معنى ذلك أن نظام المكافأة الذى خلقه الله فينا هو سلاح ذو حدين ...فقد يساعدنا فى تعديل الكثير من سلوكيات الموظفين فى عملهم ،أو كثير من سلوكيات أطفالنا الخاطئة عن طريق تقديم "مكافأة" من أى شكل و لو كانت بالشكر و الثناء اللفظي على ما فعل من صواب أو ما ترك من خطأ...
نظام المكافأة ..فى القرآن والسنة
يسبق الإسلام العلم دائماً ، فبتأملنا فى القرآن الكريم نجد أن فرعون قد قدم "مكافأة مالية" و "القُرب منه" للسحرة فى حال فوزهم على موسى عليه السلام ...و ذلك لرفع حماسهم و نشاطهم إلى أقصى درجة لتنفيذ المطلوب منهم وهو هزيمة موسى ..قال تعالى مصورا للمشهد ( فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42)الشعراء
كما تبين للباحثين أن المنطقة المسؤولة عن المكافآت في الدماغ تكون في قمة نشاطها حين يتعلق الأمر باعتراف الآخرين بالشخص وتقديرهم له ولأفعاله مثل شعورك بالبهجة عند تسجيل " إعجاب" لك على الفيسبوك ، أما ثناؤه هو على الآخرين فقد وجدوه يلعب دورا أقل في تنشيط تلك المنطقة من الدماغ.
و لهذا نجد أن من السنة تقديم الشكر للناس على ما يقدمون لنا من خير و معروف ، أو إهدائهم هدية مقابل ما أهدوا لنا ..حتى يتعزز لديهم هذا السلوك ..فيحبوا أن يقومون به معنا أو مع غيرنا مرات و مرات ..
فالشكر أو الدعاء لمن أسدى لك معروف هو ما أمر به النبى صلوات الله عليه فى قوله ( مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ) .صححه الألبانى
أما عن الهدية ،فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا . (وَيُثِيب عَلَيْهَا) أَيْ يكافئ المُهدِي فيعطيه بدلها ، وأقله ما يساوي قيمة الهدية..
و السؤال المٌحير : أيهم أفضل اسلوب العقاب أم المكافأة ؟
الاجابة :هى أن اسلوب المكافأة هو الأفضل و الأقوى على تغيير سلوك معوج لدى شخص ما ، ..إذاً فالجزرة أفضل من العصا ...و معنى ذلك أن نظام المكافأة الذى خلقه الله فينا هو سلاح ذو حدين ...فقد يساعدنا فى تعديل الكثير من سلوكيات الموظفين فى عملهم ،أو كثير من سلوكيات أطفالنا الخاطئة عن طريق تقديم "مكافأة" من أى شكل و لو كانت بالشكر و الثناء اللفظي على ما فعل من صواب أو ما ترك من خطأ...
نظام المكافأة ..فى القرآن والسنة
يسبق الإسلام العلم دائماً ، فبتأملنا فى القرآن الكريم نجد أن فرعون قد قدم "مكافأة مالية" و "القُرب منه" للسحرة فى حال فوزهم على موسى عليه السلام ...و ذلك لرفع حماسهم و نشاطهم إلى أقصى درجة لتنفيذ المطلوب منهم وهو هزيمة موسى ..قال تعالى مصورا للمشهد ( فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42)الشعراء
كما تبين للباحثين أن المنطقة المسؤولة عن المكافآت في الدماغ تكون في قمة نشاطها حين يتعلق الأمر باعتراف الآخرين بالشخص وتقديرهم له ولأفعاله مثل شعورك بالبهجة عند تسجيل " إعجاب" لك على الفيسبوك ، أما ثناؤه هو على الآخرين فقد وجدوه يلعب دورا أقل في تنشيط تلك المنطقة من الدماغ.
و لهذا نجد أن من السنة تقديم الشكر للناس على ما يقدمون لنا من خير و معروف ، أو إهدائهم هدية مقابل ما أهدوا لنا ..حتى يتعزز لديهم هذا السلوك ..فيحبوا أن يقومون به معنا أو مع غيرنا مرات و مرات ..
فالشكر أو الدعاء لمن أسدى لك معروف هو ما أمر به النبى صلوات الله عليه فى قوله ( مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ) .صححه الألبانى
أما عن الهدية ،فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا . (وَيُثِيب عَلَيْهَا) أَيْ يكافئ المُهدِي فيعطيه بدلها ، وأقله ما يساوي قيمة الهدية..
الخلاصة
أن المكافأة هى حافز يدفع فينا شهية ما لتغيير السلوك ، حيث يقودنا إلى تكرار كل ممتع و يبعدنا عن كل ما فيه مشقة و جهد أو ألم ..و يستخدمه الاخصائيون النفسيون حاليا فى تغيير و تعديل بعض السلوكيات عند الأطفال أو الكبار..
بقلم
د.صبحى زردق
اخصائى الطب النفسي
2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق