تعلم "التفريغ النفسي" ..وعالـج همومك بنفسك

تعلم "التفريغ النفسي" ..وعالـج همومك بنفسك

بسم الله الرحمن الرحيم

أهلاً بعزيزي الزائر

عند مواجهة ضغوط و مواقف هى أكبر من طاقة احتمالنا لمواجهتها فإن الكثير منا تلجأ نفسه لاشعورياً إلى حيلة دفاعية تُسمى بـ "الكبت" لتحقيق راحة نفسية مؤقتة ...

و لكن المشكلة أنه مع الوقت يتراكم الكثير من المشاعر السلبية و الصراعات النفسية ،و الشعور بعدم الرضا عن النفس ..إلخ- و هو ما قد يؤثر بالسلب على الصحة البدنية و النفسية للإنسان

 ..و لهذا فإن الإنسان فى حاجة ماسة إلى عملية تعكس ما أحدثته و دمرته عملية الكبت هذه، و هـو ما يُعرف بــ"التفريغ النفسي" ..مما يُعيد للنفس استقرارها و توازنها.

التفريغ النفسي Catharsis

هو عملية استدعاء و تعبير الشخص عما تم كبته فى اللاشعور من مشاعر سلبية أو عدوان ،أو كراهية و أحزان ،أو مخاوف و صراعات نفسية ،أو مـاضي مؤلم ، بهدف إزالتها و الشعور بالارتياح .

و هناك أسماء أخرى لتلك العملية ،مثل التنفيس Release، التنظيف النفسي ،تصفية النفس ،شكوى البث.

تدريبات التفريغ النفسي

الميزة فى تلك الطريقة من التنفيس هو سهولة التنفيذ ،مع النتيجة السريعة ، كما يستطيع الفرد القيام بها وحده أو مع صديق أو حبيب

أ- تدريب تفريغ الحزن

-اغلق الغرفة على نفسك ،ثم حاول تذكر صديق أو حبيب لك قد فارقك أو قد سافر بعيداً ،لأن ذلك سيساعدك على إثارة مشاعرك الدفينة

-اطلق لعواطفك و لمشاعرك العنان و لا تحاول منع أو حبس دموعك ، فالبكاء يخلصك من كثير من المعاناة و الألآم و الجروح النفسية ... و هو آية من آيات الله ،تأمل قوله تعالى
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43)النَجم

-حاول القيام بهذا الفعل مرة كل شهر على الأقل  بحسب الحاجة

ب-تدريب تفريغ التوتر و الغضب

-اجمع مجموعة من الورق ذات حجم كبير (A4)

-اكتب على كل ورقة موقف أو مشكلة تؤرقك و تقلقك و تغضبك

-ضع الأوراق فوق بعضها البعض ثم قم بتمزيق الكل إلى 8 قطع ..حيث يمثل الورق العقبات التى تعرقلك عن التعبير عما بداخلك من طاقة سلبية مكبوتة...

ستشعر بعدها بأنك قد فرغت جزء من طاقتك و مشاعرك الغير مرغوبة

ج- الفضفضة  : التحدث باستفاضة مع صديق أو شخص قريب منك تحبه  ، بحيث تكشف له كل ما يدور فى نفسك من أحزان و هموم ،دون خجل من التكلم فى بعض المواضيع إلا المواضيع شديدة الحساسية..فإن هذا سوف يريحك نفسياً ..و ستشعر بذلك فورياً

د- الكتابة : احضر ورقة و قلم ..ثم قم بكتابة كل ما يدور بداخلك من أحزان و مخاوف و مواقف سيئة قد تعرضت لها قديما أو حديثاُ.. و راعي أن تذكر تسلسل الأحداث بحيادية دون التركيز فقط على المشاعر المتعلقة بتلك الأحداث.. و سوف تشعر بعدها بارتياح ..كرر ذلك التمرين كلما ضاقت عليك نفسك

ففي مقال نشرته البروفيسورة "كونستانس سكارف" في مجلة (Ending addiction for good) قالت إن كتابة الشخص عن نفسه وعن تجاربه الخاصة لمدة 15 دقيقة يومياً تحسّن وتقي من اضطرابات المزاج (الاكتئاب مثلاً) وتحسن من الصحة الجسدية بعد التعرض لسكتة قلبية كما أنها تقلل من حاجتك لزيارة الطبيب وتحسّن الذاكرة.

التفريغ النفسي و القرآن 

 دائماً ما يسبق الإسلام  العلم الحديث ، فطريقة التفريغ النفسي المكتشفة حديثاً ، قد أشار إليها القرآن الكريم فى سورة يوسف عليه السلام ..فى قوله تعالى
"قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" (يوسف:86).و أشكو بثى : أى همى و ما أنا فيه من حزن ...

و من الآية ندرك أن يعقوب عليه السلام لجأ إلى الطريقة الأفضل فى تخليص النفس و تفريغها من محتواها السلبى من أحزان و هموم ،ببث الشكوى والهم إلى الخالق العظيم ،القادر على كل شىء،العالم بحال كل إنسان ، القريب المجيب ...

فما أعظمها من شكوى و ما أفضلها من طريقة ..و هو ما يجب علينا الاقتداء به و فعله عندما يضيق بنا الحال أو تعترينا الهموم و الأحزان..

و لا ننسى أن الدعاء نوع من أنواع التفريغ و طالما أمرنا به القرآن و الحديث الشريف فى أكثر من موضع ،فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدعاء هو العبادة "الترمذي.

اتمنى للجميع الصحة و العافية

بقلم د.صبحي زردق

أخصائى الطب النفسي

2018