"قوة الصبر " بلا بمنازع هى القوة العظمى لدى النفس و التى إذا امتلكها الإنسان عاش سويا بدنيا و نفسيا ... فهو العطاء الذى لا عطاء بعده .. و يدل على ذلك قول النبى صلوات الله عليه (...و ما أُعطى أحد عطاء خيراً و أوسع من الصبر) البخارى ..و يكفي فى هذا الصدد أن الصبر نصف الإيمان و النصف الآخر هو الشكر..لذا فإن سعادة الدنيا مبنية على الصبر و التكيف مع البلايا و إن كان ليس مع الإنسان شيئاً.. أما شقاء الإنسان فمبني على عدم الرضا و السخط و إن ملك الدنيا بحذافيرها...
ما هو الصبر؟
الصبر هو عدم الجزع أو السخط رغم وجود الألم النفسي ...
و أيضا : الصبر هو حبس النفس عن الجزع و السخط و حبس اللسان عن الشكوى و التشكي لغير الله..
لماذا سُمى الصبر صبرا ؟
كلنا يعلم أن هناك نبات يُدعى "الصبار" ربما لأنه لديه صبر و قدرة على تحمل العطش و قلة الماء ... و لكن هل هناك علاقة بين ذلك النبات و الصبر عند الإنسان..نعم هناك علاقة .. فقد قال بعض العلماء أنه قد سمى الصبر صبراً :لأن مرارته فى القلب و ازعاجه للنفس كمرارة عصارة "نبة الصبر"...
انواع الصبر :
1- الصبر على الطاعات
2- الصبر عن المعصية
3- الصبر على المصائب
الصبر و التصبر و الإصطبار و المصابرة:
فالإنسان إذا حبس نفسه و منعها من الجزع و كان ذلك من أخلاقه و صفاته الملازمة فيسمى ذلك "صبراً"
أما إن لم يكن ذلك من صفاته و أخلاقه و لكنه حاول ان يدفع نفسه و يحملها على الصبر فى محاولة لأن يلزمها إياه فهو "تصبر" و ذلك لأنه على سبيل التكلف
أما الاصطبار
فهو منزلة أعلى من التصبر ، فالتصبر مبدأ الإصطبار ، كما أن التكسب مقدمة
الإكتساب ،بحيث أنه إذا تكرر التصبر مرة تلو الآخرى صار اصطباراً
أما "المصابرة "
فهى مقاومة الخصم فى ميدان الصبر ،فإما أن يفوق صبره صبرك و إما العكس
..أى أن المصابرة مفاعلة تتم بين شخصين ، كالمشاتمة و المضاربة
الجزع مقابل الصبر:
مما سبق ندرك أن الجزع هو عكس الصبر ..فالإنسان حين نزول البلاء به إما يكون صابرا و إما يكون جزوعاً ...
و لهذا فقد ذم القرآن الكريم الشخص "الجزوع" الذى يصيبه الضيق بما ابتلاه الله به فى قوله تعالى (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً)المعارج...فشتان بين الجَزع عند حلول المصائب و فقدان الأمل و حسرة النفس ..
بينما مدح القرآن الصابرين وو عدهم بالأجر العظيم (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر 10 و ذلك لأن الصبر هو درع الإنسان القوي الذى يقيه شر حوادث الزمان و مصائب الدهر و تقلب الأحوال
سبب الجزع الرئيسي:
هو حب الدنيا و كراهية الموت .. و هو ما حذر النبى منه بعد أن أسماه بــ"الوهن" فى الحديث "... و ليقذفن فى قلوبكم الوهن ، قالوا و ما الوهن يا رسول الله ؟ قال : حب الدنيا و كراهية الموت "
فحب
الدنيا يجعل من الإنسان شخصا خائفا على زوال ما فى يده ..و إذا نقص شىء
منه صار جزوعا ساخطا..و فى كلتا الحالتين فإنه و لا محالة سيكون فريسة
المرض النفسي و الاضطرابات العقلية
علامات الجزع :
ليس من علامات الجزع التأثر و الحزن و لا البكاء و الدموع فإنها رحمة فى قلب العبد ،و من يعيش بغيرها فقد نزعت منه تلك الرحمة و حُرم منها، أما علامات الجزع فهى :
- لطم الخدود و شق الجيوب: و هو ما نهى عنه النبى الكريم فى قوله (ليس منا من لطم الخدود و شق الجيوب و دعا بدعوى الجاهلية )البخارى
-الشكوى و بث الحزن إلى غير الله : فالمسلم بذلك يكون قد اشتكى الله إلى الناس و لكن من يشكو غلى ربه بلواه فهو يتبع قوله تعالى (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) 50 الذاريات - فقد جاء فى سورة يوسف أن يعقوب عليهما السلام كان لا يبث شكواه إلا إلى الله قال تعالى ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (86)يوسف
- قول ما يغضب الله : مثل سب و لعن الزمان ،و غير ذلك من اللعن فقال صلى الله عليه وسلم عند وفاة ولده ابراهيم "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون"البخارى
- الانسحاب و العزلة الاجتماعية
- التفكير فى الانتحار و الخلاص من الدنيا
-الاصابة بالاضطرابات النفسية و العلل البدنية
مراتب رد الفعل على المصائب:
وفى الاسلام هناك أربعة مراتب عند نزول المصيبة هى :
رد الفعل الأول : الجزع و هو محرم
رد الفعل الثانى: و هو الصبر :و هو واجب
رد الفعل الثالث :و هو الرضا و هو الكمال
رد الفعل الرابع : و هو الشكر و اعتبار أن المصيبة نعمة
لذا يجب على المسلم أن يكون صابرا ،راضيا ، شاكرا...
الجزع و الإنهيار العصبى:
فكل أشكال الإنهيار العصبى التى نراها فى حياتنا المعاصرة ، ما هى إلا عرضا من أعراض الجزع ..فما أسوأ الجزع ، و الشخص الجزوع...و ما أفضل الصبر و الصابرين...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق