النفس هى التى تقود الجسد ، فهى إما أن توجهه إلى سعادة الدارين، و إما أن تقوده إلى العذاب فيهما ..لذا اعتنت جميع الأديان و على رأسها الإسلام بتلك "النفس " نظراً لأهميتها الكبرى فى توجيه الإنسان قولاً و فعلاً و سلوكاً،ونظراً لأهميتها فى تحديد علاقة الإنسان بالناس و كذلك علاقته بربه ..و يكفي بأن الله عز و جل قد أقسم بها فى قوله "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا"
معنى تزكية النفس:
معناه
بسيط وهو: أن تنأى بالنفس عن المنهيات و أن تلزمها فعل الطاعات ، وكذلك
تخليصها من عيوبها و مساؤها ثم تحليتها بمعالي الأخلاق والصفات.
و الجزء
الأول من التعريف لا يتم إلا بوجود الجزء الثاني ، فصفة واحدة من الصفات
السيئة للنفس كافية بأن تجعل صاحبها يرتكب الكثير من المعاصي، وأن تجعله بين الناس مذموماً مكروهاً ...
و لكي نفهم أهمية أن "نزكي أنفسنا" سنضرب مثال بصفة "الشُـح"
كصفة سيئة فى النفس قد تدفع صاحبها إلى عدم القيام بالصدقة و لا بالزكاة
،وأيضاً قد تجعل الناس ينفرون من التعامل مع الشخص و يبتعدون عنه فى أمور مثل التجارة و الزواج ،و البيع و الشراء ..إلخ ،فالنفس البشرية جبلت
على حب من يعطيها ،و كراهية من يمنع عنها...
و يكفي فى "الشح" و خطره المهلك ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم :" اتقوا الشُح فإن الشُح أهلك من كان قبلكم ، حملهم على أن سفكوا دماءهم , وقطعوا أرحامهم , واستحلوا محارمهم " صحيح
و يكفي أن القرآن الكريم فى أكثر من موضع قد رهن الفلاح و النجاح بقدرة الإنسان على "تزكية نفسه" من شرورها و معاصيها: قال تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)9-10 الشمس
فما معنى زكاها؟ قال العلماء أن لها ثلاث معانٍ :
الأول : زكاها أى طهرها و خلصها من أمراضها و آفاتها و شرورها ، وهـى كثيرة مثل :
- العجلة
- الأنانية
-العدوانية
-حـب التملُك
-إتباع الهوى
-اللؤم و المَكر
-الحقد والحسد
-البخل و الشُح
- العُجب بالنفس
-حب الشهوات
- تحقـير الآخر
-الغيرة و البغضاء
- النفاق و المداهنة
- الظلم و المحاباة
-الجُبن و الإنطواء
- الغضب و الإندفاع
- الكبر و الاستعلاء
-السخرية من الآخر
-الطمع و طلب المزيد
-الجزع و عدم الصبر
-صفة" الفظ الغليظ"
الثاني : زكاها أى سما بها
بمعنى أن تختار لها الأخلاق الحميدة ،فلا يكفي أن تكون مستقيماً فحسب بل يجب أن تكون أيضاً كريما ودوداً ..
الثالث : زكاها بمعنى الزيادة و النمو
بمعنى أنه لا يجب علينا أن نقف عند مستوى واحد من السمو ، بل كلما وصلنا إلى مستوى من تزكية النفس سعينا إلى الأعلى منه...
إذاً فمن أجل سعادة البشر جاء الرسل،وسعادة البشر مرهونة بـ" تزكية النفس" فما معنى تزكية النفس..
تعلم تزكية النفس
بناءً على الثلاث معان السابقة لكلمة "زكاها" نجد أن هناك مرحلتين اثنين لتزكية النفس يجب على كل من يريد تنقية نفسه و إعادة بنائها من جديد المرور بهما:
الأولى : هى مرحلة التخلية
بمعنى إخلاء النفس أولاً من عيوبها و شرورها و معاصيها
الثانية : هى مرحلة التحلية
بمعنى تحليتها بالتقوى و التخلق بالأخلاق الفاضلة و الحسن من الصفات و معالى الأمور مثل الكرم ،الشجاعة ، الصبر ، الحلم ، الإيثار، الرضا ..إلخ
_____________
و لا ننسى هنا أن ندعوا بدعاء النبي الخاص بهذا الشأن "اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا." لأنه لا تزكية للنفس إلا بمشيئة رب العالمين ، و كل ما علينا هو الأخذ بالأسباب
بسم الله الرحمن الرحيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق