دائماً ما يبحث الشخص " المحسود" الذى قد أصابته العين عن علاج لحالته،و هذا العلاج معروف فى الإسلام بــ" الرُقية الشرعية " أو الاستحمام بماء قد استحم به الشخص الحاسد ..إلخ
و لكننا فى هذه المقالة نقدم علاج للشخص "الحسود "نفسه .. و ذلك عن طريق تغيير أفكار مغلوطة فى رأسه ، راسخة فى ذهنه ، و بالتالى تغيير مشاعره نحو الآخرين ،و هو ما يسهم بشكل كبير فى التخلص من صفة الحسد المذموم ... و هو ما يندرج فى الطب النفسي تحت اسم "العلاج المعرفي -السلوكي"
العلاج المعرفي بالإيمان
الرضا بما قسم الله لك
و هو أهم و أنفع العلاجات ، فالشخص الحسود مشكلته الأساسية هى استنقاص ما قد أعطى الله له من نعم ، مع استكثار ما أعطى لغيره من الناس ، و هذا هو البلاء الأساسي عند الحسود ، و هنا يأتى دور الرضا بما قسم الله و بما أعطى من قليل أو كثير ..فإذا عرف الحاسد هذا و جعله يقين فى قلبه أعانه ذلك على عدم حسد الناس و عدم النظر إلى ما فى أيدى الآخرين من خيرات ..إيماناً و عملاً بقوله تعالى ( وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ
لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا
اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا )النساء32
تفسير الكشاف:
"... قوله وَلا تَتَمَنَّوْا : نهي عن التحاسد وعن تمنى ما فضل
الله به بعض الناس على بعض من الجاه والمال،و البنون و الرزق، لأن ذلك التفضيل قسمة من الله
صادرة عن حكمة وتدبير وعلم بأحوال العباد، وبما يصلح المقسوم له من بسط في
الرزق أو قبض وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي
الْأَرْضِ. فعلى كل أحد أن يرضى بما قسم الله له، علما بأن ما قسم له هو
مصلحته، ولو كان خلافه لكان مفسدة له، ولا يحسد أخاه على حظه..."
أسأل الله من فضله مع السعى و الإجتهاد
إذا كنت أخي الحاسد من الشخصيات "ذات الطموح" فقد حضنا الإسلام على السعي و عدم التكاسل و المواصلة و عدم اليأس فى الحديث "..احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ.."
و اعلم أن الله عز وجل يعطيك إذا سألته، فلا تنظر و لا تطمع فيما عند الناس ، و اطمع فيما عند الله بدلاً من ذلك، فالله سبحانه و تعالى عنده مغانم كثيره ،و قد أمرنا عز و جل بذلك فى قوله " وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)النساء
أي،
ولكن يرزقهم من الرزق ما يختاره مما فيه صلاحهم، وهو أعلم بذلك، فيغني من
يستحق الغنى، ويفقر من يستحق الفقر. كما جاء في الحديث المروي: "إن من
عبادي لمن لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي
لمن لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه". اهـ
حسدك للغير لن يزيدك إلا خسارا
فالحسد نار تأكل فى نفس و جسد صاحبها أولاً ، فضرر الحسد يلحق بك أيها الحاسد أولاً ، و لن يزيدك إلا مرضاً و نقصاً فى الدين و الدنيا و الصحة.. فابتعد عن الحسد قبل أن يدمرك...و انصحك بقراءة أضرار الحسد الصحية فى مقال سابق
ازهد فى الدنيا و فكر فى الآخرة
سبب كراهية الناس بسبب ما عندهم من خير و مال و أولاد ..كله سببه حب الدنيا و كأن الإنسان لم يخلق إلا للتمتع بما فيها من طيبات ...لذا أخى الحاسد يلزمك أن تزيد من حبك و تفكيرك فى الآخرة و أن تقلل من حبك للدنيا ..و مما يعينك على ذلك قوله تعالى " قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)النساء ..
و اعلم أيضاً أن الإنسان ما خُلق إلا لعبادة ربه ،قال تعالى وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)الذاريات... و هو ما يقلل عند الحاسد انشغاله بأمور الدنيا و التفكير الزائد فيما أعطى الله لمن حوله من الناس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق