بدايةً يجب ألآ نخلط بين حب الانسان لنفسه بشكل عادي ..و بين ما يسمى بالأنانية.. فبحسب علم النفس الحديث شتان ما بينهما..بل هما متناقضان تمام التناقض ...
فحب النفس صفة محمودة و فطرية تدفع الإنسان إلى العمل و تحقيق الذات ،و الحرص على ما ينفع و البعد عما يضر و الحرص على النجاح و اثبات الذات دون الإضرار بالآخرين، و هو ما يعود على الفرد و المجتمع بالرقى و التقدم ..
أما صفة الأنانية فهى صفة مذمومة تجعل الشخص مكروها منبوذا بين الناس ، ببساطة لأنه دائم البحث على أن يعيش ..و لو على حساب موت الآخرين ..و حريص على أن يرتاح و لو على حساب تعب و مشقة الآخرين..مع حبه الكبير للتملك و الاستحواذ و لو بأخذ حقوق الآخرين
تعريف "حب الذات"
فقد عرفه علم النفس بأنه أمر فطري وأنه أحد المقومات الأساسية للشخص السوي نفسياً، و ذلك لأنه يجعل الفرد شاعرا بإمكانياته الداخلية مقدرا لها ، و بالتالى يحاول دائما الدفاع عنها و التحسين من قدراتها لكى يصبح الشخص الأفضل بين أقرانه ..بشرط عدم تحقير من هو أدنى منه أو التعالى عليه....
و بالنظر إلى دين الاسلام العظيم نجد أنه اتفق مع كلام "علم النفس" عن "حب الذات"، حيث أوصى بأن يكون الشخص دوماً ساعياً لجلب النفع لنفسه و الحرص على ذلك .. فى قول النبى صلوات الله عليه(..و احرص على ما ينفعك ..) و ذلك دون أن يضر بمصالح و نفسيات الآخرين من حوله و هو ما دل عليه الحديث (لا ضرر و لا ضرار) حديث حسن...
و لكن الإسلام نراه قد تفوق على علم النفس فى أنه قد أخرج الفرد من دائرة "حبه لذاته" إلى دائرة هى أوسع و أشمل من ذلك..و هى دائرة حب الخير للآخرين بجانب حبنا لأنفسنا و جعله من الإيمان فقال (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) متفق عليه ....ليس هذا فحسب بل قد دعا الاسلام إلى عدم التردد فى تقديم المنفعة للآخرين و جعل له أجرا كبيرا فى قول النبى (..و الله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه...)مسلم ...و هو ما يزيد من ترابط المجتمع
بل حثنا القرآن إلى المرتبة الأسمى و الأعلى من كل ذلك و هى مرتبة " "إيثار الغير على أنفسنا" ..حتى و لو كان ذلك على حساب مصالحة ... و و هو الفعل الذى اثنى عليه الله فى قوله ( و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة)الحشر9
و بذلك نجد أن الاسلام قد نقلنا من الدائرة الأصغر وهى "حب الذات" إلى دائرو أوسع و هى "حب الخير للآخرين كما نحبه لأنفسنا" إلى الدائرة الأكبر و الأسمى على الإطلاق و هى دائرة "إيثار الغير" حتى ولو على حساب أنفسنا...
أما "كراهية الذات"self-hate أو "احتقار الذات" self-loathing فهى كما يراها علماء النفس صفة مذمومة لشخص مريض يحتاج إلى علاج نفسي... وهذه الصفة مثلا موجودة فى اضطراب يسمى بـ"اضطراب الشخصية الحدية" ..و بسبب تلك الصفة فإن هذه الشخصية تكون كارهه لنفسها ،بل و تحتقر نفسها .. لدرجة أنها قد تؤذي نفسها و تعذبها بأكثر من طريقة..بل تهون عليه النفس فتحاول الإنتحار من وقت لآخر ...و من هنا ندرك مدى أهمية أن يحب الشخص نفسه... الحب الطبيعي الذى يحرص به على منافعة و استمرار حياته و الاكتفاء الذاتى ...
نصائح تشجع على حب الذات:
حدد علماء النفس مجموعة من النصائح للتصالح مع الذات فى محاولة لإنقاذ الشخص من كراهيته لنفسه ..ملخصها كما يلى :
1- التوقف عن معاتبة و نقد الذات بشكل زائد على ما كل خطأ
2-التوقف عن التفكير فى الصغائر غير المُرضية للنفس
3- على الشخص تكرار تذكر ما قد حصل من انجازات و نجاحات شخصية..ليهدأ نفسيا و لكى يرضى عن نفسه...
4-البحث عن حلول جذرية للمشاكل ..بدلا من تراكمها ..للخروج من الدائرة المغلقة
أما إن زاد حب الإنسان لنفسه بشكل مفرط خارج الحدود الطبيعية فهو ما يسمى بــ"الأنانية"و قد عرفها "علم النفس" بأنها حالة مرضية تجعل الفرد يفكر و يتمركز حول مبدأ الإنفرادية فى كل شىء..والنظر إلى الحياة من منظور المنفعة الخاصة فقط ..كما أن صاحب تلك "الأنانية" يرى أن كل تصرفاته هى الصحيحة .. وينظر لمنافعه على أنها لها الأولوية و لو على حساب المقربون منه..كما لا يعترف بأى نجاحات لأى شخص آخر غيرهم ..كما أنه يجد مبررا لكل فعل سىء يقوم به...
سمات يتصف بها الشخص الأناني:
حدد علم النفس مجموعة من الصفات التى يتسم بها الشخص الأناني :
1- يتسم بأنه شخص مغرور و يضخم دائما من أهمية الذات
2-يتحدث و يمدح نفسه كثيرا بشكل مبالغ فيه
3-لا يحب الاعتراف بمحاسن أو انجازات الآخرين..و بالتالى فهو حسود
4- يرفضون أى شكل من أشكال النقد و يغضبون من ذلك جدا
5-استغلال تعاطف الآخرين لصالحه الشخصى
6- السعي المتواصل و بيع الآخرين لتحقيق المصالح الشخصية فقط
7-الصعود على أكتاف و ظهور الآخرين لتحقيق مصالحه (شخص وصولي)
و بالنظر إلى الطب النفسي نجد أن هؤلاء الأنانين يتسمون بصفة تسمى بــ "التمركز حول الذات " ego centeric و هذه الصفة المٍرضية هى إحدى سمات الشخص المصاب بــ"اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع " أما صفة الشعور الزائد بأهمية الذات و استغلال الآخرين لتحقيق المصالح الشخصية فهى موجودة فى "اضطراب الشخصية النرجسية"
ملخص حب النفس - و الأنانية
حب النفس بالشكل الذى يحقق الخوف على الذات و بالتالي الدفع بنفسه بعيدا عن المهالك..و السعي وراء ما يجلب الفوائد و المنافع ، لتحقيق الذات و الاستغناء عن الناس..و بالتالى العيش بسلام و سعادة ...و هو أمر محمود و مطلوب..فى علم النفس و فى الاسلام
فإذا زاد هذا الحب عن حدودة الطبيعية و دفع الشخص لأن يصبح تحقيق المصلحة الشخصية أو ألآ يُضار هو أمرمقدم على كل شىء حتى الأخلاق و الدين ..فتلك هىى "الأنانية"..ego-centeric
أما كُره الإنسان لنفسه self-hate فهو أمر غير مرغوب أيضا بل يدل على مرض نفسي يحتاج إلى علاج
و ختاما
اللهم اصلح لى ديني الذى هو عصمة أمرى و اصلح لى دنياي التى فيها معاشي و اصلح لى آخرتى التى فيها معادى...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق