أحدث المواضيع

أحدث المواضيع

إعلان خاص

عيـادة السيد الدكتور : صبـحي زُردق (مؤلف كتاب النفـس و الكرب ) .. لعلاج أمراض المخ و الأعصاب و الطب النفسي و الإدمان ...عنوان العيـادة : البحيرة – الدلنجات - بجوار موقف دمنهور القديم.. و الحجز مسبقاً .. مع تمانياتنا للجميع بالشفـاء العاجل .
 مدونة النفس و الايمان

من التمس رضا الله بسخط الناس: البُعد النفسي للحديث

من التمس رضا الله بسخط الناس : البُعد النفسي للحديث
بسم الله الرحمن الرحيم..أهلاً بحضراتكم

معاً فى تلك اللحظات الطيبة سنعيش مع بُعد نفسي جديد فى حديث جديد من أحاديث النبي الخاتم الذى لا ينطق عن الهوى

فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من التمس رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) صحيح ابن حبان .

المعنى الشرعي للحديث


إن الكثير من الناس اليوم ليشقى طوال حياته، ويبذل أقصى جهده من أجل أن يرضي فلان أو علان من الناس، وربما ارتكب من أجل ذلك الكثير من المعاصي والذنوب والموبقات، وربما من أجل ذلك يستحل الحرام، ويسفك الدماء، ويهتك الأعراض، ويتلاعب بالقيم، ويُزَوِّر الحقائق، ويبيع دينه وأمانته وأخلاقه؛ ليصل إلى هذا المطلوب! والله -سبحانه وتعالى- لم يأمر بذلك فقال: ‏(وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ‏)‏ ‏[‏التوبة‏:‏62‏]‏.
اعلمُوا أَنَّ رِضَا الناسِ غايَةٌ لا تُدْرَك, وأَنَّه لا يُمْكِنُ لأحَدٍ كائِناً مَنْ كان, أَنْ يَنالَ رضا كُلِّ الناس, فَعَلَيْكُم بِما يُصْلِحُكم فافْعَلُوه, والْتَمِسُوا رضا اللهِ فإِنَّه الغاَيَةُ التي لا تُتْرَك. وأما الاهْتِمامُ بِرِضا الناس, فإن مَفاسِدَه كثيرَة, لأنَهُ يَجْعَلُ العَبْدَ يَقَعُ في مَعْصِيَةِ اللهِ, مِنْ أجْلِ مُجَاراةِ الناسِ وإرْضَائِهِم, وقَدْ يُصِيبُهُ الهَمُّ والحُزْنُ إذا ذَمُّوهُ أو تَرَكُوا مَدْحَهُ أوْ خالَفُوا رأْيَه, وهو أيضاً سَبَبٌ لِتَرْكِ الدعوةِ والنصيحةِ وإنكارِ المُنْكَر, محاباةً ومُداراةً، أو خوفاً مِنْ خسارَةِ مَحبَّةِ الناس. بَلْ إنَّ هذِه الْخَصْلَةَ سَبَبٌ لِتَرْكِ الإخلاصِ في عِبادَةِ الله, الذي هو أَحَدُ شَرْطَي قَبُولِ العَمَلِ الصالِح. فإن أَمْرَ الإِخلاصِ عظيم, وتَرْكَهُ خَطير. فقد كانت قُلُوبُ الصالِحين تَنْزَعِجُ مِن أجْلِه, وتَجْتَهِدُ كثيراً في مُعالَجَتِهِ في قُلُوبِهِم ونِيَّاتِهِم. بل إنَّ فِعْلَ العبادةِ مِن أجْلِ الناس, سَبَبٌ لأن يُسْحَبَ الشَّخْصُ على وجهِهِ, حتى يُلْقَى في النار....اقتباس من موقع الخطباء بتصرف
البُعد النفسي للحديث
البعض منا يقع أحياناً فى حالة حيرة و تردد فهو ما بين "إما أن يغضب ربه " و إما أن يغضب الناس " ... هذه الحالة النفسية التى قد يمر بها البعض منا تُسمى فى علم النفس بحالة " الصراع النفسي" حيث لا يدري الشخص هل يغضب ربه و يرضي الناس بالسكوت عن النطق بكلمة الحق فى موقف ما مثلاً ،أم يرضي ربه و يغضب الناس فيعاقبه الناس و يكرهونه و يضطهدونه  حيثما كان و حالما أمكن لهم ذلك ، بسبب وقوفه بجانب الحق ... 
بالطبع هذا الصراع لا يحدث إلا عند ضعف الإيمان عند الإنسان ، حيث قد خاف من  عقاب الناس أو هيبتهم أكثر مما خاف من عقاب الله وهيبته ، لذا نجد أن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «لا يمنعنَّ رجلًا هيبة النَّاس أن يقول بحقِّ إذا رآه أو شهده أو سمعه» [رواه الألباني  في السِّلسلة الصَّحيحة 

و بالعودة إلى علم النفس( فى موقع ويكيبيديا) نجد أنالصراع النفسي هو التعارض بين دافعين أو رغبتين أو أكثر ، بحيث يُحبذ كل جزء من الشخصية واحدا منهما .. ويوجد 4 أنواع من الصراعهى :

  • صراع إقدام - إقدام : ويكون بين أمرين إيجابيين وعليك اختيار أحدهما،فيحدث التردد
  • صراع إحجام -إقدام : أمر واحد فيه السلب والإيجاب وعليك اختياره أو الرفض الكلي له
  • صراع إحجام -إحجام : أمرين سلبيين وعليك اختيار أحدهما
  • صراع إحجام -إقدام مزدوج : أمرين فيهم السلب والإيجاب وعليك اختيار أحدهما
والصراع إما شعوري و إما لا شعوري فالشعوري هو الذي يدرك الفرد القوتين المتعارضتين فيه، أما اللا شعوري فهو الذي يكون أحد الطرقين أو كلاهما خافيا لا يشعر الفرد بوجوده
و بالعودة إلى الحديث الشريف نجد أن الصراع النفسي إذا حدث للشخص  سوف يكون من النوع الأول (إقدام-إقدام ) ..حيث يتردد الشخص ضعيف الإيمان -إذا وضع فى موقف ما يتطلب منه النطق بـ" كلمة الحق" أو الميل إلى الجانب الصواب،فيتردد وقتها  هل يرضي الناس أم يرضي الله (إقدام-إقدام ) ...

و ايضاً من الممكن أن نعتبر ذلك الصراع أنه من النوع (إحجام - إحجام) حيث يتردد الشخص ما بين : الخوف من أن يغضب الناس و الخوف من أن  يغضب الله..فإذا غلبت عليه صفات الخير ، فضل غضب الناس و إرضاء ربه ... أما إذا غلب عليه حب الدنيا و اتباع الهوى  فإنه سوف ينساق وراء رضا الناس على حساب رضا ربه....

و أرى أنه أيضاً قد يتم تصنيف ذلك الصراع النفسي طبقاً للنوع الأخير (صراع احجام-اقدام مزدوج) حيث لكل ميول جوانب ايجابيه و جوانب سلبية ، و هذا بالطبع من وجه نظر الأشخاص ذوى الإيمان الضعيف ....
أما المسلم قوي الإيمان فهو دائماً ما يفضل رضا الله على كل شىء ..فهى الغاية التى لا ينالها إلا كل ذو حظٍ عظيم 

الخلاصة
 أتى هذا الحديث النبوي ليعزم المسألة و ينهى لدينا أى نوع من أنواع الصراعات النفسية حتى لا تتعرض النفس للإضطراب .. و ذلك من خلال عملية الترغيب و الترهيب فى الحديث ، ترغيب فى إرضاء رب العالمين أولاً و آخراً ، و ترهيب من إرضاء الناس و إغضاب الله عز وجل   ...ليكون المسلم الحق بعيداً عن جميع الأمراض و العُقد النفسية..و هذا هو البُعد النفسي فى الحديث الشريف ..حيث يساهم العمل بالحديث فى الوقاية من الصراعات النفسية ..و التى قد تؤدي إلى بعض الأمراض النفسية و العضوية .
..................................................................................................

استودعكم الله
بقلم د.صبحي زردق 2019  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق